العولمة والهوية الثقافية FOR DUMMIES

العولمة والهوية الثقافية for Dummies

العولمة والهوية الثقافية for Dummies

Blog Article



وكذلك تنفصل تماماً دول البلطيق وجورجيا من روسيا بينما الدول الإسلامية فاستقلاها غير كامل.

إسلاميو المنطقة المغاربية: من حلم الدولة إلى واقعية السلطة

وليس هناك ثقافة واحدة وإنما تسود أنواع وأشكال ثقافية منها ما يميل إلى الأنغلاق والأنعزال، ومنها ما يسعى إلى الأنفتاح والإنتشار.

 ومناقشة الهوية الثقافية في علاقتها بالموروث الثقافي، يجرنا حتما إلى تناول إبدال آخر للهوية، يتعلق الأمر بمفهوم الهوية القومية. إن رصد هذا الأخير رصدا علميا دقيقا لا يتحقق، في رأي نديم البيطار، إلا بشرح تمايزين يتخللانه:

انتشار الثقافة الأمريكية في جميع أنحاء العالم: مثل انتشار الرياضة الأمريكية من كرة السلّة، وكرة القدم، والشخصيات الرياضيّة، كما تمّ العثور على الشركات الأمريكية في جميع أنحاء العالم؛ مثل ستاربكس، وماكدونالدز، بحيث يعتبران مثالين على الشركات الأمريكية التي يمكن العثور عليها في جميع أنحاء العالم، خاصة في المدن الكبيرة، بالإضافة إلى الفنانين الأمريكيين المشهورين؛ مثل انشهار موسيقى برنس ومايكل جاكسون في كلّ مكان تقريبًا.[٣]

فكيف يمكن التوفيق بين التيارين المتعارضين، حتى تكون لدينا نظرة موضوعية عن فكرة العولمة؟ إن ما يهمنا أكثر في هذ الصدد هي العولمة الثقافية.

فليس كل ثقافة قادمة من الغرب مقدسة. وفي هذا الخصوص، نشير إلى أن الحداثة، كفكرة غربية، تم تجاوزها، وظهرت مرحلة «ما بعد الحداثة» التي تعيش هي بدورها أزمة، لعدم قدرتها على الحسم في كثير من الإشكالات المعاصرة للثقافة والهوية والدين.

وإن النتاجات الثقافية لمكان ما مهما اختلفت تنسجم مع قواعد بناء مشتركة تمثّل بنى عقلية متحدة، "فالثقافات الإنسانية هي بمنزلة تنوع على موضوع واحد، فكلها متساوية ولها القيمة الثقافية عينها"، وبهذا يصبح مفهوم المشاركة في ظل التنوع الثقافي الذي يحدث في المدينة مدخلًا رئيسًا يؤثر بصور مباشرة وغير مباشرة على الهوية المحلية أو الثقافية العامة للمجتمع، وذلك التأثير يمكن أن يحدث التوازن والجودة المطلوبة لتقدم المجتمع ورفعة شأنه وسط بقية المجتمعات، ويحدث ذلك بشرط وجود الانسجام بين الفئات المتنوعة في ثقافتها وهويتها، وقد ذكر الباحث عبد الهادي أعراب في مقال على لسان المنظّر الاجتماعي والجغرافي دافيد هارفي "إن الحق في المدينة… لا يستقيم من دون الانتفاع الكامل والتام من المدينة واحترام التنوع الثقافي من غير إقصاء، وحماية التاريخ والهوية والثقافة هي إطار عمل مشترك للمواطنين في تحديد تنمية البيئة الحضارية وتطويرها"، ويتطلب مفهوم التعايش السلمي في المجتمعات المتنوعة عنصرين مهمين هما القبول والاحترام، ويعني ذلك فهم أن كل شخص فريد، وأنه يجب الاعتراف بهذه الاختلافات الفردية، أيًّا كان شكل هذه الاختلافات ذات الصلة بالأبعاد المختلفة مثل العرق والعمر والوضع والحالة الاجتماعية والاقتصادية والقدرات البدنية والمعتقدات الدينية وما إلى ذلك، ومن ثمّ هناك حاجة إلى استكشاف هذه الاختلافات في بيئة آمنة وإيجابية".

يستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي تكتسب بها العلاقات الاجتماعية نوعاً من عدم الفصل وتلاشي المسافة، حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد ـ قرية واحدة صغيرة ويعرف المفكر البريطاني رونالد روبرتسون العولمة بأنها «اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش» كما يعرفها مالكوم واترز مؤلف كتاب العولمة بأنها «كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو بدون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد».

أن مشروع الفتح والامتداد الذي يتابعه العالم المتمدن ”أي الأوروبي“ منذ أربعة قرون، والذي بدأ بطيئاً وانقلب سريعاً في آخر الأيام، يظهر للمتأمل أنه آيل إلى ”توحيد العالم الإنساني“ ولم يكن هذا ”التوحيد“ ليتم بدون جهد وبدون بلاء، لأن البشر خلقوا أطواراً، وبينهم من التدابر والتقابل ما يؤذن بالأخذ والرد والعكس والطرد، وهناك أسباب عديدة للحب والبغض والقرب والبعد، مع هذا كله تجد العالم سائراً إلى الوحدة، فإذا نظرنا إلى كيفية النظام السائد الآيل إلى هذه الوحدة وجدنـاهـا: بالإنجيـل، وبالسيف، وبالإفناء، وبتبادل نور الامارات المساعدات، وبتبادل طلقات المدافع ….

أدّت العولمة أيضًا, في جانبها الإيجابي, إلى مدّ جسور العلاقات الخارجية مع شعوب العالم، وفرضت أهمية وضع استراتيجيات محددة ومدروسة لبناء الجسر مع الآخر بتصدير الثقافة (أفلام, أغانٍ, أدب, عروض أدائية, لغات, أزياء, معالم أثريّة ومعمارية, عادات, احتفالات, أكلات.

فالتيار المؤيّد للعولمة، يستند إلى أنها أحدثت نقلة نوعية في كل ميادين المعرفة، وقربت المسافات، واختصرت الزمن، وساهمت في التلاقح بين الحضارات؛ وتعزيز ثقافة التنوّع الإنساني والقيم الثقافية.

وما يميز العولمة أنها بقدر ما تعمل على تفكيك الفاعلين الاجتماعيين التقليديين مثل الدولة القومية والطبقة والأمة، تترك الأفراد أو الأغلبية الساحقة منهم مشتتين خارج أي إطار يسمح لهم بممارسة دورهم الجماعي أو بالتحول إلى جزء من مشروع عمومي.

تتولى القيامَ بعملية تسطيح الوعي، واختراق الهوية الثقافية للأفراد والأقوام والأمم، ثقافةٌ جديدة تماما لم يشهد التاريخ من قبل لها مثيلا: ثقافة إشهارية إعلامية سمعية وبصرية تصنع الذوق الاستهلاكي (الاشهار التجاري) والرأي السياسي (الدعاية الانتخابية) وتشيد رؤية خاصة للإنسان والمجتمع والتاريخ، إنها “ثقافة الاختراق” التي تقدمها العولمة بديلا للصراع الإيديولوجي.

Report this page